اليمن اسطوره التاريخ 0 وكنز من الحضارات المتعاقبه
اليمن هذا الاسم الذي لايمكن ابدا لعشاق التاريخ ان ينسوه ولو للحظه واحده 0 لان اليمن بحد ذاتها من اروع بلاد التاريخ وصناع الحضارات وارض العطور والبهارات والبخور 0 والتجاره عبر ارجاء العالم منذ اعماق التاريخ
وقد ورد ذكرها مرارا في الكتب السماويه لدورها التاريخي عبر الازمنه الماضيه حتى اضحت على لسان كل باحث عن الحضاره والتاريخ والثقافه والوعي الحقيقي 0 فان مملكه سبا التى كانت اقوى الممالك في عصرها الذهبي وكانت حينها بلقيس الملكه الحكيمه التى لازالت حكمتها تتناقلها الاجيال لذكائها وفطنتها وكيف جنبت مملكتها عوادي الزمن لتتحول الى أشهر ملكات التاريخ حيث استطاعت ان تصل الى القدس
,وقد كانت تقود وفد بلادها لتقابل اعظم ملوك زمانها نبي الله سليمان عليه السلام بعد ان وصلتها اغرب رساله حيث وصفتها بكتاب كريم التاريخ 0 مع اغرب سعاه البريد الهدهد 0 والذي اسقط لها الرساله حيث يجب ان تكون لتقع في يدها 0 ولتذهب بعدها مع وفد بلادها لترى اعجب ملوك الدنيا والذي وهبه الله عز وجل حكما على الانس والجن والوحش والطير وسخر له الريح رخاءا
وكيف استطاع ان ينقل في طرفه عين عرشها العظيم من سبا مدينه ملكها 0 ومن قصرها الى بلاطه في اقل من ثانيه بينما نحن ندرك الان بان مابين العاصمه القدس واليمن تحتاج احدث الطائرات النفاثه الى حوالى اربع ساعات من الطيران المتواصل
وحينما اقتنعت تماما برسالته اعلنت ايمانها بهذا الملك الرسول نبي الله سليمان عليه السلام حيث تزوجته واضحت مملكتها من اعظم البلاد ازدهارا وقوه في ذلك الزمن
نسب بلقيس وبدايه حكايه حكمها كما تقول الروايات
نسبهــــا:
أ. حُكمهــــــــــا:
كانت بلقيس سليلة حسبٍ و نسب، فأبوها كان ملكاً، و قد ورثت الملك بولاية منه؛ لأنه على ما يبدو لم يرزق بأبناء بنين. لكن أشراف وعلية قومها استنكروا توليها العرش وقابلوا هذا الأمر بالازدراء و الاستياء، فكيف تتولى زمام الأمور في مملكة مترامية الأطراف مثل مملكتهم امرأة[2]، أليس منهم رجلٌ رشيد؟ و كان لهذا التشتت بين قوم بلقيس أصداء خارج حدود مملكتها، فقد أثار الطمع في قلوب الطامحين الاستيلاء على مملكة سبأ، ومنهم الملك "عمرو بن أبرهة" الملقب بذي الأذعار. فحشر ذو الأذعار جنده و توجه ناحية مملكة سبأ للاستيلاء عليها و على ملكتها بلقيس، إلا أن بلقيس علمت بما في نفس ذي الأذعار فخشيت على نفسها، واستخفت في ثياب أعرابي ولاذت بالفرار. و عادت بلقيس بعد أن عم الفساد أرجاء مملكتها فقررت التخلص من ذي الأذعار، فدخلت عليه ذات يوم في قصره و ظلت تسقيه الخمر وهو ظانٌ أنها تسامره وعندما بلغ الخمر منه مبلغه، استلت سكيناً و ذبحته بها[3]. إلا أن رواياتٍ أخرى تشير إلى أن بلقيس أرسلت إلى ذي الأذعار وطلبت منه أن يتزوجها بغية الانتقام منه، وعندما دخلت عليه فعلت فعلتها التي في الرواية الأولى[4]. وهذه الحادثة هي دليلٌ جليّ وواضح على رباطة جأشها وقوة نفسها، وفطنة عقلها وحسن تدبيرها للأمور، وخلصت بذلك أهل سبأ من شر ذي الأذعار وفساده.
وازدهر زمن حكم بلقيس مملكة سبأ أيمّا ازدهار، واستقرت البلاد أيمّا استقرار، وتمتع أهل اليمن بالرخاء و الحضارة والعمران والمدنية. كما حاربت بلقيس الأعداء ووطدت أركان ملكها بالعدل وساست قومها بالحكمة. ومما أذاع صيتها و حببها إلى الناس قيامها بترميم سد مأرب الذي كان قد نال منه الزمن وأهرم بنيانه وأضعف أوصاله[5]. وبلقيس هي أول ملكة اتخذت من سبأ مقراً لحكمها.
قصة بلقيس في القرآن
ورد ذكر الملكة بلقيس في القرآن الكريم، فهي صاحبة الصرح المُمَرد من قوارير وذات القصة المشهورة مع النبي سليمان بن داود - عليه السلام - في سورة النمل.
وقد كان قوم بلقيس يعبدون الأجرام السماوية والشمس على وجه الخصوص، و كانوا يتقربون إليها بالقرابين، و يسجدون لها من دون الله، و هذا ما لفت انتباه الهدهد الذي كان قد بعثه سليمان - عليه السلام- ليبحث عن موردٍ للماء. و بعد الوعيد الذي كان قد توعده سليمان إياه لتأخره عليه بأن يعذبه إن لم يأت بعذرٍ مقبول عاد الهدهد و عذره معه “أحطت بما لم تحط به و جئتك من سبأ بنبأ يقين”[6]، فقد وجد الهدهد أن أهل سبأ على الرغم مما آتاهم الله من النعم إلا أنهم” يسجدون للشمس من دون الله “[7].
فما كان من سليمان –عليه السلام- المعروف بكمال عقله وسعة حكمته إلا أن يتحرّى صدق كلام الهدهد، فقال: " سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين"[8]، وأرسل إلى بلقيس ملكة سبأ بكتابٍ يتضمن دعوته لهم إلى طاعة الله ورسوله والإنابة والإذعان، وأن يأتوه مسلمين خاضعين لحكمه وسلطانه، ونصه "إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم* ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين" [9].
كانت بلقيس حينها جالسة على سرير مملكتها المزخرف بأنواع من الجواهر واللآلئ والذهب مما يسلب الألباب ويذهب بالمنطق والأسباب[10]. ولما عُرف عن بلقيس من رجاحة وركازة العقل فإنها جمعت وزراءها وعلية قومها، و شاورتهم في أمر هذا الكتاب. في ذلك الوقت كانت مملكة سبأ تشهد من القوة ما يجعل الممالك الأخرى تخشاها، و تحسب لها ألف حساب. فكان رأي وزرائها “ نحن أولوا قوةٍ و أولوا بأس شديدٍ “[11] في إشارةٍ منهم إلى اللجوء للحرب والقوة. إلا أن بلقيس صاحبة العلم والحكمة والبصيرة النافذة ارتأت رأياً مخالفاً لرأيهم، فهي تعلم بخبرتها وتجاربها في الحياة أن “ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون”[12]. وبصرت بما لم يبصروا ورأت أن ترسل إلى سليمان بهديةٍ مع علية قومها وقلائهم، عله يلين أو يغير رأيه، منتظرةٌ بما يرجع المرسلون. ولكن سليمان –عليه السلام- رد عليهم برد قوي منكر صنيعهم ومتوعد إياهم بالوعيد الشديد قائلاً: “أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتكم، بل أنتم بهديتكم تفرحون”[13].
عندها أيقنت بلقيس بقوة سليمان وعظمة سلطانه، وأنه لا ريب نبي من عند الله –عز وجل-، فجمعت حرسها وجنودها واتجهت إلى الشام حيث سليمان –عليه السلام-.
وكان عرش بلقيس وهي في طريقها إلى سليمان –عليه السلام- مستقراً عنده، فقد أمر جنوده بأن يجلبوا له عرشها، فأتاه به رجلٌ عنده علم الكتاب قبل أن يرتد إليه طرفه. ومن ثم غّير لها معالم عرشها، ليعلم أهي بالذكاء و الفطنة بما يليق بمقامها و ملكها[14].
ومشت بلقيس على الصرح الممرد من قوارير والذي كان ممتداً على عرشها، إلا أنها حسبته لجةً فكشفت عن ساقيها وكانت مخطئة بذلك عندها عرفت أنها وقومها كانوا ظالمين لأنفسهم بعبادتهم لغير الله –تعالى- وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين.
وتقول المراجع التاريخية أن سليمان –عليه السلام- تزوج من بلقيس، وأنه كان يزورها في سبأ بين الحين والآخر. وأقامت معه سبع سنين وأشهراً، و توفيت فدفنها في تدمر[15].وتعلل المراجع سبب وفاة بلقيس أنها بسبب وفاة ابنها رَحْـبَم بن سليمان[16].
وقد ظهر تابوت بلقيس في عصر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك و عليه كتابات تشير إلى أنها ماتت لإحدى وعشرين سنة خلت من حكم سليمان. وفتح التابوت فإذا هي غضّة لم يتغير جسمها، فرفع الأمر إلى الخليفة فأمر بترك التابوت مكانه وبنى عليه الصخر[17].
سد مارب اكبر سدود العالم في ذلك الزمن
وتفيد الأبحاث الأثرية الحديثة أن مأرب العاصمة لعبت دورًا كبيرًا في نشوء وارتقاء الحضارة السبئية،
فقد شهدت هذه الأراضي قيام واحدة من أعظم الدول اليمنية القديمة هي دولة سبأ التي بـدأت في الظهور في مطلع الألف الأول قبل الميلاد ، وقد شهدت في القرون الممتدة من القرن التاسع إلى القرن السـابع قبل الميلاد نشاطاً معمارياً واسعاً ، شيدت خلالها المدن والمعابد ، وأعظم منشآتها سد مأرب العظيم الذي وفر للدولة ومنحها صفة الاستقرار والآية الكريمة الدالة على تلك الحضارة قوله تعالى : " لقد كان لسبأ في مسكنهم آية " ..
وقد شهدت مارب ذروة ازدهار الحضارة اليمنية القديمة طوال المرحلة الاولى والثانية للدولة السبئية ويرجح البعض ان مارب لابد ان تكون قد بنيت في وقت ما من الالف الثاني قبل الميلاد ، اذ لايعرف تاريخ نشأت المدينة على وجة الدقة بالرغم من ورود اسماء عدد من الملوك السبئيين الذين اسهموا في بناء المدينة وشيدوا بعض مرافقها خلال العصر السبئي الاول في بداية الالف الاول قبل الميلاد. على ان نشأت المدينة ربما تكون قد بدأت مع بداية ازدهار الحضارة اليمنية القديمة في الالف الثاني قبل الميلاد .
وقد تحكم موقع مأرب في وادي سبأ بطريق التجارة الهام المعروف بطريق اللبان، وكان اللبان من أحب أنواع الطيوب وأغلاها في بلدان الشرق القديم، وحوض البحر المتوسط، وقد تميزت اليمن بانتاجها أجود أنواع اللبان وهو الذي كان ينمو في الجزء الأوسط من ساحله الجنوبي في بلاد المهرة وظفار، وقد أدى ذلك الطلب المتزايد عليه إلى تطوير تجارة واسعة نشطة، تركزت حول هذه السلعة وامتدت إلى سلع أخرى نادرة عبر طريق التجارة المذكور.
ورغم أن مأرب ظل اسمًا يتردد في المصادر التاريخية ،إلا أن دورها في الأحداث بعد الإسلام كان ضئيلا، فقد ذكرت مأرب في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم من بين مخاليف اليمن، ونسب إليها الأبيض بن حمال الماربي الذي وفد على الرسول فكتب له عهدًا وأقطعه ملح مارب.
ومن معالم مدينة مأرب :
- المدينة القديمة :تقع مدينة مأرب القديمة إلى الجنوب من مدينة مأرب الجديدة ، وكانت تشتمل على سور محيط بها يحتوى في داخله منشآتها المختلفة مثل المعابد ، الأسواق ، المنازل السكنية ...
-مسجد سليمان :ارتبطت تسميته بالنبي سليمان الذي زارته الملكة بلقيس في ( القدس ) ،وهذا المسجد قد اندثر معظم سقفه وبعض أجزائه خاصة الغربية ، ولم يعد يستخدم للغرض الذي أنشئ من أجله .
- سد مأرب العظيم :يعود تاريخ سد مارب القديم كما يستنتج من قراءة النقوش اليمنية القديمة الى القرن الثــامن قبل الميــلاد غير ان نتائج الدراسة التي قامت بها البعثة الالمانية في احد السدود القديمة بوادي "ذنة"المنشأة "أ"ترى ان فكرة انشاء السد قد مرت بمراحل عدة وعبر فترة زمنية طويلة بين بداية الالف الثاني والالف الاول قبل الميلاد واين كانت البداية فان الذي لاخلاف حولة ان ســـد مارب معلـم ثابت لازم الحضارة السبئية منذ البداية مرورا بذروة الازدهار وحتى لحظات الانهيار ثم تصدع على اثرها.وهذا السد اشــهر اثــار اليمـن واعظم بناء هندسي قديم في شبة الجزيرة العربية وقد بني في ضيقــة بين البلــق الشمالي والبلق الجنوبي على وادي ذنة الذي تجري إليه السيول من مساقط المياة في المرتفعات المحاذية له شرقا على امتداد مساحة شاسعه من ذمار ورداع ومراد وخــولان .
- شبكة قنوات الري ( الجنتان ) :التي تقدر مساحتها بأكثر من اثنين وسبعين كم مربع ، تبدأ شبكة الري بالقناة الرئيسية الخارجة من السد ثم يليها مقسمات المياه الفرعية ، وقد كانت شبكة الري بكاملها مبنية بهيئة جدار تجري المياه في سطحه الذي شكل بهيئة مجرى ، وتصل إلى المقسم الذي بني بشكل إسطواني يقوم بتفريع المياه إلى ثلاثة اتجاهات .
- معبد عرش بلقيس ( برأن ): يقع هذا المعبد إلى الجنوب الغربي من مدينة مأرب القديمة ، ويبعد عنها نحو ( 4 كم ) ، وإلى الشمال الغربي من محرم بلقيس على بعد ( 1 كم ) .
- معبد محرم بلقيس ( أوام ):يقع هذا المعبد إلى الجنوب من مدينة مأرب القديمة على الضفة الجنوبية لوادي أذنة وهو بناء كبير وضخم ، تغطي الرمال معظم المنشأة المعمارية وبشكل كثيف .
قصه اصحاب الاخدود
أصحاب الأخدود
موقع القصة في القرآن الكريم:
ورد ذكر القصة في سورة البروج الآيات 4-9، وتفصيلها في صحيح الإمام مسلم.
قال الله تعالى(( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ))
وقد روى الإمام أحمد بسنده عن صهيب[12] أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( كان فيمن قبلكم ملك، وكان له ساحر، فلما كبر الساحر قال للملك: أني قد كبر سني وحضر أجلي، فادفع إليَّ غلاماً لأعلِّمه السحر، فدفع إليه غلاماً كان يعلمه السحر، وكان بين الساحر والملك راهب، فأتى الغلام على الراهب فسمع من كلامه فأعجبه نحوه وكلامه، وكان إذا أتى الساحر ضربه وقال ما حبسك؟ وإذا أتى أهله ضربوه وقالوا: ما حبسك؟ فشكا ذلك إلى الراهب فقال: إذا أراد الساحر أن يضربك فقل حبسني أهلي. وإذا أراد أهلك أن يضربوك فقل حبسني الساحر. فبينما هو ذات يومٍ إذ أتى على دابةٍ فظيعة عظيمة قد حبست الناس، فلا يستطيعون أن يجوزوا، فقال: اليوم أعلم أمر الراهب أحب إلى الله أم أمر الساحر، قال فأخذ حجراً فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحبَّ إليك وأرضى من أمر الساحر، فاقتل هذه الدابة حتى يجوز الناس، ورماها فقتلها ومضى الناس فأخبر الراهب بذلك فقال: أيْ: بنيَّ أنت أفضل مني وإنك ستُبتلَى، فإن ابتليت فلا تدلَّ عليَّ. فكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص وسائر الأدواء ويشفيهم، وكان للملك جليس فعمي فسمع به فأتاه بهدايا كثيرة فقال: اشفني ولك ما هاهنا أجمع. فقال: ما أنا أشفي أحداً إنما يشفي الله عزَّ وجل. فإن آمنت به دعوتُ الله فشفاك فآمن فدعا الله فشفاه.
ثم أتى الملك فجلس منه نحو ما كان يجلس فقال له الملك يا فلان من ردَّ عليك بصرك ؟ فقال ربي فقال أنا؟ قال: لا، ربي وربك الله، قال: أولك رب غيري؟ قال: نعم ربي وربك الله. فلم يزل يعذّبه حتى دلَّ على الغلام. فبعث إليه فقال: أيْ: بني: بلغ من سحرك أن تبرىء الأكمه والأبرص وهذه الأدواء؟! قال: لا أشفي أحداً إنما يشفي الله عزَّ وجل. قال: أنا؟ قال: لا قال: أو لك ربّ غيري؟ قال ربي وربك الله، فأخذه أيضاً بالعذاب فلم يزل به حتى دلّ على الراهب، فأتى بالراهب فقال: ارجع عن دينك فأبى، فوضع المنشار في مفرق رأسه، حتى وقع شقاه إلى الأرض، وقال للغلام ارجع عن دينك فأبى، فبعث به نفر إلى جبل كذا وكذا وقال إذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلاّ فدهدهوه، فذهبوا به فلما عَلوا به الجبل قال: اللهم اكفنيهم بما شئت ....... فرجفَ بهم الجبل فدُهدهوا أجمعون، وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك. فقال: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله تعالى. فبعث به مع نفرٍ في قرقور، فقال: إذا لجتم به البحر فإن رجع عن دينه وإلاَّ فغرّقوه في البحر فلججوا به البحر فقال الغلام: اللهم اكفنيهم بما شئت فغرقوا أجمعون.
وجاء الغلام حتى دخل على الملك فقال ما فعل أصحابك ؟ قال كفانيهم الله تعالى ثم قال للملك: أنت لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني، وإلاَّ فإنك لا تستطيع قتلي، قال وما هو؟ قال تجمع الناس في صعيد واحد، ثم تصلبني على جذع وتأخذ سهماً من كنانتي ثم قل باسم الله ربِّ الغلام، فإنّك إذا فعلت ذلك تقتلني. ففعل ووضع السهم في كبد قوسه ثم رماه وقال: باسم الله رب الغلام فوقع السهم في صدغه. فوضع الغلام يدَه على موضع السهم ومات. فقال الناس آمنّا برب الغلام. فقيل للملك: أرأيت ما كنت تحذر؟ فقد والله نزل بك، قد آمن الناس كلهم. فأمر بأفواه السكك فخدّت فيها الأخاديد وأضرمت فيها النيران، وقال: من رجع عن دينه فدعوه وإلاَّ فأقحموه فيها، فكانوا يتعادون فيها ويتدافعون، فجاءت امرأة بابن لها ترضعه فكأنها تقاعست أن تقع في النار، فقال الصبي اصبري يا أماه فإنك على الحق )...... [ صحيح ].
وهكذا رواه مسلم في آخر الصحيح عن هدبة بن خالد[13] عن حماد بن سلمة[14] به نحوه. ورواه النسائي بسنده مختصراً، وقد جودَّه الإمام أبو عيسى الترمذي.
ويقال أن الملك هو ذو نواس، والبلاد هي نجران دخل أهلها النصرانية، وذو نواس كان قد تهوَّد مع من تهوَّد من أهل اليمن. ولأنهم دخلوا النصرانية حرقهم في الأخدود فقتل منهم في غداة واحدة عشرين ألفاً، ولم ينجُ منهم سوى رجلٍ واحدٍ يقال له دوس ذو ثغلبان، ذهب فارساُ وطردوا وراءه، فلم يقدروا عليه، فذهب إلى قيصر ملك الروم، فكتب إلى النجاشي[15] ملك الحبشة وأرسل معه جيشاً من نصارى الحبشة فاستنقذوا اليمن من اليهود. واستمر ملكهم فيهم سبعين سنة ثم استنقذه سيف بن ذي يزن من النصارى لما استجار بكسرى ملك الفرس ورجع الملك إلى حمير[16]
سيف بن ذي يزن
إخبار سيف بن ذي يزن عبد المطلب بشأن الرسول ( ص )
في دلائل النبوة لأبي نعيم ، في حديث طويل موجزه : انه لما ظهر سيف بن ذي يزن على اليمن وظفر بالحبشة ونفاهم عنها - وذلك بعد مولد رسول الله ( ص ) بسنتين - أتته وفود العرب وأشرافها وشعراؤها تهنيه وتمدحه ، فأتاه وفد قريش ، وفيهم عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، و . . . . فقال سيف بن ذي يزن : وأيهم أنت أيها المتكلم ؟ قال : أنا عبد المطلب بن
هاشم بن عبد مناف ، قال : ابن أختنا ؟ قال : نعم ، قال : فأدناه ، ثم أقبل عليه وعلى القوم ، فقال : مرحبا وأهلا . . . . قال : إذا ولد بتهامة غلام به علامة ، بين كتفيه شامة ، كانت له الإمامة ، ولكم به الزعامة ، إلى يوم القيامة .
قال عبد المطلب : - أبيت اللعن - لقد إبت بخير ما آب به وافد قوم ، ولولا هيبة الملك وإعظامه وإجلاله لسألته من بشارته إياي ما أزداد به سرورا .
قال سيف بن ذي يزن : هذا زمنه الذي يولد فيه ، أو قد ولد ؟ اسمه محمد ، بين كتفيه شامة ، يموت أبوه وأمه ، ويكفله جده وعمه ، وقد وجدناه مرارا ، والله باعثه جهارا ، وجاعل له منا أنصارا ، يعز بهم أولياءه ، ويذل بهم أعداءه ، ويضرب بهم الناس عن عرض ، ويستبيح بهم كرائم الأرض ، ويعبد الرحمن ، ويدحر الشيطان ، ويخمد النيران ، ويكسر الأوثان ، قوله فصل ، وحكمه عدل ، يأمر بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر ويبطله . . . .
إلى أن قال : فقال سيف بن ذي يزن : إنك يا عبد المطلب ، لجده غير كذب ، قال : فخر عبد المطلب ساجدا ، فقال : ارفع رأسك ، فقد ثلج صدرك ، وعلا أمرك ، فهل أحسست شيئا مما ذكرت لك ؟
قال عبد المطلب : نعم أيها الملك ، إنه كان لي ابن وكنت به معجبا ، وعليه رقيقا ، فزوجته كريمة من كرائم قومي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة ، فجاءت بغلام سميته محمدا ، مات أبوه وأمه ، وكفلته أنا وعمه ، بين كتفيه شامة ، وفيه كل ما ذكرت من علامة .
قال سيف بن ذي يزن : إن الذي ذكرت لك كما ذكرت لك ، فاحتفظ بابنك ، واحذر عليه اليهود ، فإنهم له أعداء ، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا ، واطو ما ذكرت لك ، دون هؤلاء الرهط الذين معك ، فإني لست آمن أن تدخلهم
انها اليمن ام الحضارات التى صنعت التاريخ للعالم القديم